اما بعد معاشر الصائمين
عشرليال من رمضان قد مضت
ومازال المسلمون بعون الله وتوفيقه يزدادون همة ونشاطا ويجددون العهد مع ربهم
ويتسابقون إلى التقرب إلى مولا هم،
حريصين على أن يأتوا من الأعمار أفضلها، وأن يقدموا من الحسنات أكملها
ويختاروا من القربات، أحسنها، وأجملها يجدون في ليلهم ونهارهم، ويجتهدون في تصحيح مسارهم، ويسلكون إلى الخير كل سبيل، ويطلبون الأجر من كل باب
يحذوهم في ذلك كله ظن حزن برب العالمين
وأمل صادق في أن تشملهم رحمته أو تدركهم نفحة من نفحاته، فيكون من العتقاء من النار، ويسعد سعادة دائمة، لا يشقون بعدها أبدا
ما أعظم المسلمون في هذا الشهر المبارك، وهم يتسابقون إلى مساجدهم قبيل الآذان أو معه ليركعوا لله ركعات مطمئنة، ويسجدوا بين يديه سجدات خاشعة، ويقرء ما تيسر لهم من كتابه، أو يرفع إليه دعوة خالصة، وما أحسنهم، وقد أدركوا تكبيرة الإحرام مع الإمام، وصفوا مع إخوانهم على مثل صفوف الملائكة هذا عشرة أيام قد مضت، وانصرمت، وانقضت، إذا كان هذا حال الذي ذكرنا، فأنت على خير وهدى وبركة وأنت على الطريق الصحيح، الموصل إلى النتيجة المتوخاة من هذا الشهر المبارك، أن تكون من العتقاء من النار، أن يغفر الله لك ما تقدم من ذنبك، من صام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه
من قام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه، من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه، فهذه ثلاث ضمانات للمغفرة، أعطاها رب العالمين لك.
فينبغي أن تسير على هذا الطريق.
في تلك اللحظات الإيمانية المباركة التي يتاجرون فيها مع ربهم الكريم. إنهم ليرجون أن ينالوا أجورا مضاعفة، وعدوا بها، فغدوا لعظيم إيمانهم بربهم، وتصديقهم بموعوده، كأنما يرونها بأعينهم، بل كأنما أحدهم بذوق حلاوتها، وبستطعم نزدها في لحظته، يجدها في خطواته إلى المسجد ويذوقها في أدائه للصلوات الفرائض والنوافل، ويحتسبها في انتظاره للصلاة، ويحس بها في كل حرف من كتاب الله يقرأه ويستشعرها في رفع يديه لتكبيرة الإحرام مع الإمام، وتسير معه، وهو يؤدي صلاته في الجماعة ويتنفسها مع كل تسبيحة وتحميدة وتكبيرة وتهليلة.
ثم لا يزال يجد روحها سعدا في صدره، وطمأنينة في قلبه، وراحة في نفسه، ترغب إليه اللس في مصلاه، والجلوس في مسجده حتى لك أنما يسمع ملائكة الرحمن وهي تستغفر له حال جلوسه أو تكتب له حسنات أو تمحو عنه سيئات فما أوفر حظه وقد حظي بكل هذه الكرامات من ربه وما أسعده؟ قد اجتمع كله كل هذه الفضائل من الغفور الشكور، وتالله لولا إيمانه بربه، واحتسابه ما عنده، وطمعه في جنته، وما أعده لعباده الصالحين، لجلس في بيته، أو لنام في فراشه، أو لنبت يفرض دنياه، و أولى اشتغل بلهو أو لاعب، أو قضاء شهواه، ولكنه شعور بأن رمضان أياما معدودات، سريعة المرور، وليال كريمة خاطفة العبور، يدفعه لاغتنام وقته، ويشجعه على مسابقة الزمن، ويقوده لاستثمار فرص العمر، وكلما فترت نفسه، أو تكاسلت، أو وجد منها ضعفا أو تراجعا، قال لها يا نفس اصبري يا نفس، اصبري قليلا وتجملي وواصل المسيرة، وتحملي، واقرأئي سير الصالحين، وتأملي، لتعلمي أن رسول اله صلى الله عليه وسلم قد واصل صيام اليومين والثلاثة،…..